تعددت النظريات التي حاولت الإجابة على السؤال المهم الذي حيّر العلماء على مدى قرون طويلة وهو «لماذا ننام» ، وحتى الآن لا يمكن إيجاد تفسير علمي دقيق يجيب على هذا السؤال إلا ان الشيء المؤكد ان النوم له أهمية للصحة البدنية والنفسية. و عن عملية النوم يقول إستشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النّوم ورئيس قسم الأمراض الصدرية ومدير مركز اضطرابات النّوم بمدينة الملك عبد العزيز الطبية بصحة الحرس الوطني بجدة الدكتور أيمن بدر كريّم إن العديد من الدراسات الأولية التي أجريت منذ أكثر من عقدين على الحيوانات والتي تم فيها دراسة أثر الحرمان الحاد والمزمن من النّوم أظهرت أهمية النّوم السليم والكافي وماينتج عن الحرمان منه من تبعات خطيرة.
ويشير د.كريم الى ان حرمان النوم المزمن يعتبر من أهم الاضطرابات السلوكية والاجتماعية في المجتمعات المدنية وأكثرها شيوعا حيث يعاني ما يقرب من 37 % من سكان أمريكا من الحرمان الإرادي المزمن من النوم فلا ينامون إلا مايقرب من 6 ساعات ونصف فقط في الليلة ، ويلاحظ انتشار هذه المشكلة الاجتماعية في المملكة وغيرها من المجتمعات العربية بسبب تأخر أوقات النوم والارتباطات الاجتماعية المختلفة، والتي عادة ماتبدأ في ساعة متأخرة من الليل، وانتشار القنوات الفضائية والإنترنت وأسواق التبضع
وينصح د. كريم بالقيلولة أثناء النهار للتخفيف من آثار الحرمان من النوم أثناء الليل لبعض الأشخاص ولكن لا يجب أن تزيد فترة النوم أثناء القيلولة عن 30 دقيقة على الأكثر، أما بالنسبة لمن يعانون من الأرق أثناء الليل فلا ينصح لهم بالنوم أثناء النهار حتى لا يؤدي ذلك إلى زيادة الأرق، فمن تمام الصحة أن يأخذ الإنسان كل ما يحتاجه من الراحة البدنية بالنوم أثناء ساعات الليل حيث جعل الله الليل للسبات والنّهار للمعاش وكسب الرزق وهو ماتُمليه الفطرة السليمة.
ويمضي د. كريم ان من مضاعفات الحرمان المزمن من النوم تعكر المزاج وتؤدي الى قلة التركيز وسوء الذاكرة قصيرة الأمد وصعوبة إعطاء الآراء السديدة وكذلك زيادة حالات النّعاس والنوم القهري أثناء النهار ، ولعل من أخطر مضاعفات الحرمان من النوم -بقسميه الحاد والمزمن- زيادة نسبة حوادث السيارات. فقد بينت الكثير من الدراسات (ومنها دراسة الدكتور ستاتس عام 2003) زيادة معدل حوادث السير إلى ما يقرب من 5 أضعاف عند الأشخاص المحرومين من النوم لمدة تزيد عن 20 ساعة متواصلة وكذلك عند الأشخاص الذين ناموا لما يقرب من 4 ساعات فقط في الليلة السابقة للحادث مقارنة بغيرهم من أصحاب النوم الكافي. وخلصت هذه الدراسة إلى أن العمل في أكثر من وظيفة (صباحية ومسائية) والعمل بنظام المناوبات والقيادة بعد أكثر من 15 ساعة متواصلة تعد من أهم العوامل الرئيسية لحوادث السير. ويؤكد د.كريم انه لايمكن التخلص من الآثار الخطيرة للحرمان الحاد أو المزمن من النوم إلا بالنّوم السليم وأخذ القسط الكافي من راحة البدن أثناء الليل. فتجنب أسباب السهر وانتظام ساعات النوم والاستيقاظ واعتبار النوم واحدا من أهم الأولويات في خضم حياتنا الاجتماعية والتي يجب احترام مواعيده بصفة يومية، يعد من أهم أسباب النوم الصحي والسليم. أما من يعاني من الأرق المزمن أو عدم القدرة على ضبط مواعيد النوم والاستيقاظ أو من أعراض الشخير وغيرها من اضطرابات التنفس أو الحركة أو النعاس المفرط أثناء النهار فيجب عليه زيارة طبيب اضطرابات النوم في أقرب فرصة لعرض المشكلة وطلب النصيحة و العلاج المناسبين.