تلعب المواد الكيميائية في عصرنا الحاضر دورا أساسيا في الكثير من جوانب الحياة كالصناعة والزراعة والغذاء والدواء ، فتكاد لا تخلو صناعة ما في وقتنا هذا من وجود مادة كيميائية سرطانية ، ونتيجة لهذا الدور للمواد الكيميائية وتطبيقاتها وجدت هنالك العديد من الجوانب السلبية التي تحتاج إلى دراسة من بينها مخلفات محطات التحلية بجدة وما يصب يوميا في هوائنا من مداخنها من مواد مسرطنة في كثير من الأحيان بالبيئة والإنسان على حد سواء. كنت في الثمانينات أسكن في مجمع الأطباء السكني قريبا من المستشفى الذي أعمل به وبجوار محطة التحلية بجدة . يا للعجب مستشفى وسكن قرب مداخن عملاقة تصب يوميا من مخلفاتها السامة المسرطنة يستنشقها من حولها من البشر من المرضى والسكان. تستيقظ كل يوم لترى بقايا هذه المداخن مترسبة على أوراق الأشجار ونوافذ غرف المرضى ومساكن السكان وتستنشق من الهواء المعبأ بكثافة من المواد السوداء التي تجعل لون بالطو الطبيب من أبيض في بداية اليوم إلى أسود في نهاية الدوام وإذا نفخت في منديلك تجده أسود اللون من الهواء الذي خرج من رئتك .
لا أفقه كثيراًً في التشريعات والقوانين فهو ليس المجال الذي درسته ولكن من محبي الإطلاع على القوانين التي تمس البيئة ومشاكلها ، وقد اطلعت في السابق ضمن مهام كلفت بها على التشريعات والقوانين ببعض الدول الغربية في مجال تنظيم وإدارة مخلفات المداخن الصناعية ، فوجدت بعض القوانين لم تترك أبسط التفاصيل إلا وتطرقت إليها خاصة عندما يتعلق الأمر بسلامة وصحة الأفراد والمجتمع ، معظم تلك القوانين بنيت على أسس علمية حسب خبرتي ونتجت عن تجارب وأبحاث في هذا المجال ، ومن خلال بعض القراءات وجدت بعضها يحتوي على لوائح وإجراءات قانونية صارمة جدا لا تدع المجال لأي اختراقات قد تستفيد منها الجهة المعنية ويجعلها تتملص من مسؤولياتها القانونية . فيا ترى أين هذه القوانين التي تطبقها إدارة محطة التحلية بجدة ولماذا لم تنقل هذه المحطة إلى خارج منطقة السكن بجدة مثل ما حصل في مصنع الإسمنت بجدة .أعرف شخصيا خمسة مواطنين يسكنون في حي التحلية منذ زمن وكلهم أصيبوا بالسرطان على أنواعه من سرطان الكلى وسرطان الرئة وسرطان القولون . فإلى متى ستظل محطة التحلية في مكانها .